الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يختص به علمه لا يعلمه غيره، وهو ما غاب فيهما عن العباد بأن لم يكن محسوساً ولم يدل عليه محسوس. وقيل يوم القيامة فإن علمه غائب عن أهل السموات والأرض. { وَمَا أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ } وما أمر قيام الساعة في سرعته وسهولته. { إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } إلا كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها. { أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } أو أمرها أقرب منه بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة بل في الآن الذي تبتدىء فيه، فإنه تعالى يحيي الخلائق دفعة وما يوجد دفعة كان في آن، و { أَوْ } للتخيير أو بمعنى بل. وقيل معناه أن قيام الساعة وإن تراخى فهو عند الله كالشيء الذي تقولون فيه هو كلمح البصر أو هو أقرب مبالغة في استقرابه. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فيقدر أن يحيي الخلائق دفعة كما قدر أن أحياهم متدرجاً، ثم دل على قدرته فقال: { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ } وقرأ الكسائي بكسر الهمزة على أنه لغة أو إتباع لما قبلها، وحمزة بكسرها وكسر الميم والهاء مزيدة مثلها في أهراق. { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } جهالاً مستصحبين جهل الجمادية. { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ } أداة تتعلمون بها فتحسون بمشاعركم جزئيات الأشياء فتدركونها ثم تتنبهون بقلوبكم لمشاركات ومباينات بينها بتكرر الإِحساس حتى تتحصل لكم العلوم البديهية، وتتمكنوا من تحصيل المعالم الكسبية بالنظر فيها. { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } كي تعرفوا ما أنعم عليكم طوراً بعد طور فتشكروه.