الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }

{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } خالقهما ومتولي أمرهما. { قُلِ ٱللَّهُ } أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه أو لقنهم الجواب به. { قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مّن دُونِهِ } ثم ألزمهم بذلك لأن اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل. { أَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرّاً } لا يقدرون على أن يجلبوا إليها نفعاً أو يدفعوا عنها ضراً فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضر عنه، وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم. { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } المشرك الجاهل بحقيقة العبادة والموجب لها والموحد العالم بذلك. وقيل المعبود الغافل عنكم والمعبود المطلع على أحوالكم. { أَمْ هَلْ تَسْتَوِى ٱلظُّلُمَـٰتُ وَٱلنُّورُ } الشرك والتوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالياء. { أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ } بل أجعلوا والهمزة للإنكار وقوله: { خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ } صفة لشركاء داخلة في حكم الإِنكار. { فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ } خلق الله وخلقهم، والمعنى أنهم ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله حتى يتشابه عليهم الخلق فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلاً عما يقدر عليه الخالق. { قُلِ ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَىْءٍ } أي لا خالق غيره فيشاركه في العبادة، جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله: { وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ } المتوحد بالألوهية. { ٱلْقَهَّارُ } الغالب على كل شيء.