{ وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلأَرْضِ } في أرض مصر. { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء } ينزل من بلادها حيث يهوى وقرأ ابن كثير «نشاء» بالنون. { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء } في الدنيا والآخرة. { وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } بل نوفي أَجورهم عاجلاً وآجلاً. { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } الشرك والفواحش لعظمه ودوامه. { وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ } روي: أنه لما استوزره الملك أقام العدل واجتهد في تكثير الزراعات وضبط الغلات، حتى دخلت السنون المجدبة وعم القحط مصر والشأم ونواحيهما، وتوجه إليه الناس فباعها أولاً بالدراهم والدنانير حتى لم يبق معهم شيء منها، ثم بالحلي والجواهر ثم بالدواب ثم بالضياع والعقار، ثم برقابهم حتى استرقهم جميعاً ثم عرض الأمر على الملك فقال: الرأي رأيك فأعتقهم ورد عليهم أموالهم، وكان قد أصاب كنعان ما أصاب سائر البلاد فأرسل يعقوب بنيه ـ غير بنيامين ـ إليه للميرة. { فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } أي عرفهم يوسف ولم يعرفوه لطول العهد ومفارقتهم إياه في سن الحداثة ونسيانهم إياه، وتوهمهم أنه هلك وبعد حاله التي رأوه عليها من حاله حين فارقوه وقلة تأملهم في حلاه من التهيب والاستعظام. { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ } أصلحهم بعدتهم وأوقر ركائبهم بما جاؤوا لأجله، والجهاز ما يعد من الأمتعة للنقلة كعدد السفر وما يحمل من بلدة إلى أخرى وما تزف به المرأة إلى زوجها وقرىء { بِجَهَازِهِمْ } بالكسر. { قَالَ ٱئْتُونِى بِأَخٍ لَّكُمْ مّنْ أَبِيكُمْ } روي: أنهم لما دخلوا عليه قال: من أنتم وما أمركم لعلكم عيون؟ قالوا: معاذ الله إنما نحن بنو أب واحد وهو شيخ كبير صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب، قال كم أنتم؟ قالوا كنا اثني عشر فذهب أحدنا إلى البرية فهلك، قال: فكم أنتم ها هنا قالوا عشرة، قال: فأين الحادي عشر؟ قالوا: عند أبينا يتسلى به عن الهالك، قال: فمن يشهد لكم. قالوا: لا يعرفنا أحد ها هنا فيشهد لنا قال: فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا فأصابت شمعون. وقيل كان يوسف يعطي لكل نفر حملاً فسألوه حملاً زائداً لأخ لهم من أبيهم فأعطاهم وشرط عليهم أن يأتوه به ليعلم صدقهم. { أَلاَ تَرَوْنَ أَنّي أُوفِى ٱلْكَيْلَ } أتمه. { وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } للضيف والمضيفين لهم وكان أحسن إنزالهم وضيافتهم. { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِى بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِى وَلاَ تَقْرَبُونِ } أي ولا تقربوني ولا تدخلوا دياري، وهو إما نهي أو نفي معطوف على الجزاء.