الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } * { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

{ الر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } { تِلْكَ } إشارة إلى آيات السورة وهي المراد بـ { ٱلْكِتَـٰبِ } ، أي تلك الآيات آيات السورة الظاهرة أمرها في الإِعجاز أو الواضحة معانيها، أو المبينة لمن تدبرها أنها من عند الله، أو لليهود ما سألوا إذ روي أن علماءهم قالوا لكبراء المشركين سلوا محمداً لم أنتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف عليه السلام فنزلت:

{ إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ } أي الكتاب. { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } سمى البعض { قُرْءاناً } لأنه في الأصل اسم جنس يقع على الكل والبعض وصار علماً للكل بالغلبة، ونصبه على الحال وهو في نفسه إما توطئة للحال التي هي { عَرَبِيّاً } أو حال لأنه مصدر بمعنى مفعول، و { عَرَبِيّاً } صفة له أو حال من الضمير فيه أو حال بعد حال وفي كل ذلك خلاف. { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } علة لإنزاله بهذه الصفة أي أنزلناه مجموعاً أو مقروءاً بلغتكم كي تفهموه وتحيطوا بمعانيه، أو تستعملوا فيه عقولكم فتعلموا أن اقتصاصه كذلك ممن لم يتعلم القصص معجز لا يتصور إلا بالإِيحاء.

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } أحسن الاقتصاص لأن اقتص على أبدع الأساليب، أو أحسن ما يقص لاشتماله على العجائب والحكم والآيات والعبر فعل بمعنى مفعول كالنقص والسلب، واشتقاقه من قص أثره إذا أتبعه { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي بإيحائنا. { هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ } يعني السورة، ويجوز أن يجعل هذا مفعول نقص على أن أحسن نصب على المصدر. { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط، وهو تعليل لكونه موحى وإن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة.

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ } بدل من { أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } إن جعل مفعولاً بدل الاشتمال، أو منصوب باضمار اذكر و { يُوسُفَ } عبري ولو كان عربياً لصرف. وقرىء بفتح السين وكسرها على التلعب به لا على أنه مضارع بني للمفعول أو الفاعل من آسف لأن المشهورة شهدت بعجمته. { لأَبِيهِ } يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وعنه عليه الصلاة السلام " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " { يَا أَبَتِ } أصله يا أبي فوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في الزيادة ولذلك قلبها هاء في الوقف ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وكسرها لأنها عوض حرف يناسبها، وفتحها ابن عامر في كل القرآن لأنها حركة أصلها أو لأنه كان يا أبتا فحذف الألف وبقي الفتحة، وإنما جاز «يا أبتا» ولم يجز يا أبتي لأنه جمع بين العوض والمعوض. وقرىء بالضم إجراء لها مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويض، وإنما لم تسكن كأصلها لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب تحريكها ككاف الخطاب.

السابقالتالي
2