الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِى مَاءكِ وَيٰسَمَاء أَقْلِعِى } نوديا بما ينادي به أولو العلم وأمرا بما يؤمرون به، تمثيلاً لكمال قدرته وانقيادهما لما يشاء تكوينه فيهما بالأمر المطاع الذي يأمر المنقاد لحكمه المبادر إلى امتثال أمره، مهابة من عظمته وخشية من أليم عقابه، والبلع النشف والإِقلاع والإِمساك. { وَغِيضَ ٱلْمَاء } نقص. { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } وأنجز ما وعد من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين. { وَٱسْتَوَتْ } واستقرت السفينة. { عَلَى ٱلْجُودِىّ } جبل بالموصل وقيل بالشام وقيل بآمل. روي أنه ركب السفينة عاشر رجب ونزل عنها عاشر المحرم فصام ذلك اليوم فصار ذلك سنة. { وَقِيلَ بُعْدًا لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } هلاكاً لهم يقال بعد بعداً وبعداً إذا أبعد بعداً بعيداً بحيث لا يرجى عوده، ثم استعير للهلاك وخص بدعاء السوء، والآية في غاية الفصاحة لفخامة لفظها وحسن نظمها والدلالة على كنه الحال مع الإِيجاز الخالي عن الإِخلال، وفي إيراد الأخبار على البناء للمفعول دلالة على تعظيم الفاعل، وأنه متعين في نفسه مستغن عن ذكره، إذ لا يذهب الوهم إلى غيره للعلم بأن مثل هذه الأفعال لا يقدر عليها سوى الواحد القهار.