الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالىٰ: { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } يعني المنافقين. وقرأ ٱبن هُرْمُز والحسن «تعلموا» بالتاء على الخطاب. { أَنَّهُ } في موضع نصب بيعلموا، والهاء كناية عن الحديث. { مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ } في موضع رفع بالابتداء. والمحادّة: وقوع هذا في حَدّ وذاك في حَدّ كالمشاقّة. يُقال: حادّ فلان فلاناً أي صار في حَدّ غير حدّه. { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } يُقال: ما بعد الفاء في الشرط مبتدأ فكان يجب أن يكون «فإنّ» بكسر الهمزة. وقد أجاز الخليل وسيبويه { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } بالكسر. قال سيبويه: وهو جَيّد وأنشد:
وعِلْمِي بأسْدام المياه فلم تَزَل   قَلائصُ تَخْدي في طريقٍ طلائحُ
وأني إذا مَلّتْ رِكابي مُناخَها   فإني على حَظّي من الأمر جامحُ
إلاَّ أن قراءة العامّة «فأن» بفتح الهمزة. فقال الخليل أيضاً وسيبويه: إن «أنّ» الثانية مبدلة من الأولى. وزعم المبّرد أن هذا القول مردود، وأن الصحيح ما قاله الجَرْمِيّ، قال: إن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام ونظيرهوَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [النمل: 5]. وكذافَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا } [الحشر: 17]. وقال الأخفش: المعنى فوجوب النار له. وأنكره المبرّد وقال: هذا خطأ من أجل إنّ «أن» المفتوحة المشدّدة لا يبتدأ بها ويضمر الخبر. وقال عليّ بن سليمان: المعنى فالواجب أن له نار جهنم فإن الثانية خبر ابتداء محذوف. وقيل: التقدير فله أن له نار جهنم. فإن مرفوعةٌ بالاستقرار على إضمار المجرور بين الفاء وأن.