قوله تعالىٰ: { أَمْ حَسِبْتُمْ } خروجٌ من شيء إلى شيء. { أَن تُتْرَكُواْ } في موضع المفعولين على قول سيبويه. وعند المبرّد أنه قد حذف الثاني. ومعنى الكلام: أم حسبتم أن تتركوا من غير أن تُبْتلوا بما يظهر به المؤمن والمنافق الظهور الذي يستحق به الثواب والعقاب. وقد تقدّم هذا المعنى في غير موضع. { وَلَمَّا يَعْلَمِ } جزم بلمّا وإن كانت ما زائدة فإنها تكون عند سيبويه جواباً لقولك: قد فعل كما تقدّم. وكسرت الميم لالتقاء الساكنين. { وَلِيجَةً } بِطانة ومداخلة من الولوج وهو الدخول، ومنه سُمِّيَ الكِنَاسُ الذي تلج فيه الوحوش تَوْلَجاً. وَلَجَ يَلِج وُلُوجاً إذا دخل. والمعنى: دخيلَة مودّةٍ من دون الله ورسوله. وقال أبو عبيدة: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وَلِيجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم وَلِيجة. وقال ابن زيد: الولِيجة الدخيلة، والوُلَجاء الدُّخلاء فَولِيجة الرجل من يختص بِدُخْلَة أمره دون الناس. تقول: هو وليجتي وهم وليجتي الواحد والجمع فيه سواء. قال أبَان بن تَغْلِب رحمه الله:
فبئس الوليجة للهاربين
والمعتدين وأهل الرِّيَب
وقيل: وليجة بطانة والمعنى واحد نظيره{ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ } [آل عمران: 118]. وقال الفرّاء: وليجة بطانة من المشركين يتخذونهم ويُفشون إليهم أسرارهم ويعلمونهم أمورهم.