الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }

قوله تعالى: { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } أي الموعود به. وهو قَسَم آخر، وهو يوم القيامة من غير ٱختلاف بين أهل التأويل. قال ٱبن عباس: وُعِد أهلُ السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه. { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } ٱختلف فيهما فقال عليّ وٱبن عباس وٱبن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم: الشاهد يوم الجمعة، والمشهودُ يوم عرفة. وهو قول الحسن. ورواه أبو هُريرة مرفوعاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة... " خرّجه أبو عيسى الترمذيّ في جامعه، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث موسى ابن عُبيدة، وموسى بن عبيدة يُضَعَّف في الحديث، ضَعَّفه يحيـى بن سعيد وغيره. وقد رَوَى شُعبة وسفيان الثوريّ وغير واحد من الأئمة عنه. قال القشَيريّ فيومُ الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه. قلت: وكذلك سائر الأيام والليالي فكل يوم شاهد، وكذا كل ليلة ودليله ما رواه أبو نعِيم الحافظ عن معاوية بن قُرّة عن مَعْقِل بن يسار عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " ليس من يوم يأتي على العبد إلا يُنادَى فيه: يا بن آدم، أنا خَلْق جديد، وأنا فيما تعمل عليك شهيد، فاعمل فيّ خيراً أشهد لك به غد، فإني لو قد مضيتُ لم ترني أبداً، ويقول الليل مثلَ ذلك " حديث غريب من حديث معاوية، تفرّد به عنه زيد العَمِّي، ولا أعلمه مرفوعاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. وحكى القُشَيريّ عن ٱبن عمر وٱبن الزُّبير أن الشاهد يوم الأضحى. وقال سعيد ابن المسيب: الشاهد: التَّروِية، والمشهود: يوم عَرَفة. وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليّ رضي الله عنه: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر. وقاله النخعيّ. وعن عليّ أيضاً: المشهود يوم عرفة. وقال ٱبن عباس والحسين ٱبن عليّ رضي الله عنهما: المشهود يوم القيامة لقوله تعالى:ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [هود: 103]. قلت: وعلى هذا ٱختلفت أقوال العلماء في الشاهد، فقيل: الله تعالى عن ٱبن عباس والحسن وسعيد بن جُبير بيانه:وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [النساء: 79]،قل أي شيء أكبر شهادة؟ قلِ الله شهيد بينِي وبينكم } [الأنعام: 19] وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم عن ٱبن عباس أيضاً والحسين بن عليّ وقرأ ٱبن عباسفَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [النساء: 41]، وقرأ الحسينيٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } [الأحزاب: 45]. قلت: وأقرأ أناويكون الرسول عليكُمْ شهيداً } [البقرة:143]. وقيل: الأنبياء يَشْهَدون على أممهم لقوله تعالى:فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ }

السابقالتالي
2