الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ }

فيه ست مسائل: الأولى ـ قوله تعالى: { عَبَسَ } أي كلح بوجهه يقال: عبس وبَسَر. وقد تقدّمَ. { وَتَوَلَّىٰ } أي أعرض بوجهه { أَن جَآءَهُ } «أنْ» في موضع نصب لأنه مفعول له، المعنى لأن جاءه الأعمى، أي الذي لا يبصر بعينيه. فروى أهل التفسير أجمع أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أمّ مكتوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَقْطَع عبدُ الله عليه كلامه، فأعرض عنه، ففيه نزلت هذه الآية. قال مالك: إن هشام بن عُروة حدّثه عن عروة، أنه قال: نزلتْ «عبس وتولى» في ٱبن أمّ مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا محمد ٱستدنني، وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يُعرِض عنه ويُقْبل على الآخر، ويقول: " يا فلان، هل ترى بما أقولُ بأساً " فيقول: لا والدُّمَى ما أرى بما تقول بأساً فأنزل الله «عبس وتولى». وفي الترمذي مسنداً قال: حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموي، حدّثني أبي، قال هذا ما عرضنا على هشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة، " قالت: نزلت «عبس وتولى» في ٱبن أمّ مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعْرض عنه، ويُقْبل على الآخر، ويقول: «أترى بما أقول بأساً»فيقول: لا ففي هذا نزلت " قال: هذا حديث غريب. الثانية ـ الآية عتاب من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم. ويقال: عمرو بن أم مكتوم، وٱسم أمّ مكتوم عاتكة بنت عامر بن مخزوم، وعمرو هذا: هو ٱبن قيس بن زائدة بن الأصمّ، وهو ٱبن خال خديجة رضي الله عنها. وكان قد تشاغل عنه برجل من عظماء المشركين، يقال كان الوليد بن المغيرة. ٱبن العربي: قاله المالكية من علمائنا، وهو يكني أبا عبد شمس. وقال قتادة: هو أمية بن خلص وعنه: أبيّ بن خلف. وقال مجاهد: كانوا ثلاثة عتبة وشيبة ٱبنا ربيعة وأبيّ بن خلف. وقال عطاء عتبة بن ربيعة. سفيان الثوري: كان النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس. الزمخشري: كان عنده صناديد قريش: عتبة وشيبة ٱبنا ربيعة، أبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خَلَف، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام، رَجاء أن يُسْلم بإسلامهم غيرهم.

السابقالتالي
2 3