الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } * { وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ }

قوله تعالى: { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } أي كان ذا ثروة وغِنًى { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } أي تَعَرَّضُ له، وتُصْغِي لكلامه. والتصدِّي: الإصغاء قال الراعي:
تَصَدَّى لوضَّاحٍ كأَنَّ جَبينه   سراجُ الدُّجَى يَحْنِي إليه الأساورُ
وأصله تتصدَّد من الصَّدّ، وهو ما ٱستقبلك، وصار قِبالتك يقال: داري صدَدُ داره أي قِبالتها، نُصِب على الظرف. وقيل: من الصَّدَى وهو العطش. أي تتعرض له كما يتعرّض العطشان للماء، والمصَاداة: المعارضة. وقراءة العامة «تَصَدَّى» بالتخفيف، على طرح التاء الثانية تخفيفاً. وقرأ نافع وٱبن مَحيض بالتشديد على الإدغام. { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } أي لا يهتدي هذا الكافر ولا يؤمن، إنما أنت رسول، ما عليك إلا البلاغ. قوله تعالى: { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } يطلب العلم لله { وَهُوَ يَخْشَىٰ } أي يخاف الله. { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } أي تُعرض عنه بوجهك وتُشْغَل بغيره. وأصله تتلهى يقال: لَهِيتُ عن الشيء أَلْهَى: أي تشاغلت عنه. والتلهي: التغافل. ولَهِيتُ عنه وتَليتُ: بمعنى.