الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }

قوله تعالىٰ: { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ } «إحْدَىٰ» في موضع نصب مفعول ثان. «أَنَّهَا لَكُمْ» في موضع نصب أيضاً بدلاً من «إحدىٰ». { وَتَوَدُّونَ } أي تحبون. { أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } قال أبو عبيدة: أي غير ذات الحدّ. والشوكة: السلاح. والشوْك: النبت الذي له حَدٌّ. ومنه رجل شائِك السلاح، أي حديد السلاح. ثم يقلب فيقال: شاكِي السلاحِ. أي تودّون أن تظفروا بالطائفة التي ليس معها سلاح ولا فيها حرب عن الزجاج. { وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } أي أن يظهر الإسلام. والحَقُّ حَقٌّ أبداً، ولكن إظهاره تحقيق له من حيث إنه إذا لم يظهر أشبه الباطل. «بِكَلِمَاتِهِ» أي بوعده فإنه وعد نبيَّه ذلك في سورة «الدّخان» فقال:يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } [الدخان: 16] أي من أبي جهل وأصحابه. وقال:لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } [التوبة: 33 والفتح: 28]. وقيل: «بِكَلِمَاتِه» أي بأمره إياكم أن تجاهدوهم. { وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } أي يستأصلهم بالهلاك. { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ } أي يظهر دين الإسلام ويُعزّه. { وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ } أي الكفر. وإبطاله إعدامه كما أن إحقاق الحق إظهارُهبَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } [الأنبياء: 18]. { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }.