الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

قوله تعالىٰ: { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ } هذا استمرار على الوصية لهم، والأخذ على أيديهم في اختلافهم في أمر بَدْر وتنازعهم. { فَتَفْشَلُواْ } نصب بالفاء في جواب النهي. ولا يُجيز سيبويه حذف الفاء والجزم وأجازه الكسائيّ. وقُرىء «تَفْشِلوا» بكسر الشين. وهو غير معروف. { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } أي قوتكم ونصركم كما تقول: الريح لفلان، إذا كان غالباً في الأمر. قال الشاعر:
إذا هَبّت رياحك فاغتنمها   فإن لكل خافقة سكون
وقال قتادة وابن زيد: إنه لم يكن نصر قطّ إلا بريح تُهبُّ فتضرب في وجوه الكفار. ومنه قوله عليه السلام: " نُصرتُ بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبور " قال الحكم: «وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» يعني الصَّبا إذ بها نصر محمد عليه الصلاة والسلام وأمّتهُ. وقال مجاهد: وذهبت ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أُحد. قوله تعالىٰ: { وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } أمر بالصبر، وهو محمود في كل المواطن وخاصّةً موطن الحرب كما قال:إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ } [الأنفال: 45].