الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

فيه سبع مسائل: الأُولى ـ روى عُبادة بن الصّامت قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بَدر فَلَقُوا العدوّ فلما هزمهم الله ٱتبعتهم طائفة من المسلمين يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم، واستولت طائفة على العسكر والنهب فلما نفى الله العدوّ ورجع الذين طلبوهم قالوا: لنا النفل، نحن الذين طلبنا العدوّ وبنَا نفاهم الله وهزمهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنتم أحقّ به منا، بل هو لنا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا ينال العدوّ منه غِرة. وقال الذين استلووا على العسكر والنهب: ما أنتم بأحقّ منا، هو لنا، نحن حَوَيْنَاه واستوْلَينا عليه فأنزل الله عز وجل: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فُوَاقٍ بينهم. قال أبو عمر: قال أهل العلم بلسان العرب: استَلْوَوْا أطافوا وأحاطوا يقال: الموت مُسْتَلْوٍ على العباد. وقوله: «فقسمه عن فُواق» يعني عن سرعة. قالوا: والفُوَاق ما بين حَلْبَتي الناقة. يقال: انتظره فُواقَ ناقة، أي هذا المقدار. ويقولونها بالضم والفتح: فُواق وفَواق. وكانَ هذا قبل أن ينزل:وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } [الأنفال: 41] الآية. وكأنّ المعنى عند العلماء: أي إلى الله وإلى الرسول الحكم فيها والعملُ بها بما يقرّب من الله تعالى. وذكر محمد بن إسحاق قال: حدّثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى الأشْدَق عن مكحول عن أبي أمامة الباهليّ قال: سألت عُبادة بن الصّامت عن الأنفال فقال: فينا معشر أصحاب بدرٍ نزلت حين اختلفنا في النّفلَ، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بَواء. يقول: على السّوَاء. فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البَيْن. ورُوي في الصحيح " عن سعد بن أبي وَقّاص قال: ٱغتنم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذتهُ فأتيت به النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: نَفِّلني هذا السيف، فأنا من قد علمتَ حاله. قال: «ردّه من حيث أخذته» فانطلقت حتى أردت أن ألقيَه في القَبَض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه. قال: فشدّ لي صوته «ردّه من حيث أخذته» فٱنطلقت حتى أردت أن ألقِيَه في القَبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه، قال: فشدّ لي صوته «ردّه من حيث أخذته» فأنزل الله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } " لفظ مسلم. والروايات كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق للهداية.

السابقالتالي
2 3 4