الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } * { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَٰناً وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ }

قوله تعالى: { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } أي على سَقَر تسعة عشر من الملائكة يَلْقَون فيها أهلها. ثم قيل: على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خَزَنتها مالكٌ وثمانيةَ عشَر ملَكاً. ويحتمل أن تكون التسعة عشر نقيباً، ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملَكاً بأعيانهم. وعلى هذا أكثر المفسرين. الثعلبيّ: ولا يُنكر هذا، فإذا كان مَلَك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلائق. وقال ٱبن جريج: " نعت النبيّ صلى الله عليه وسلم خَزَنة جهنم فقال: «فكأنّ أعينهم البَرْق، وكأن أفواههم الصياصي، يجرّون أشعارهم، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين، يسوق أحدهم الأمّة وعلى رقبته جبل، فيرميهم في النار، ويرمى فوقهم الجبل» ". قلت: وذكر ٱبن المبارك قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من بني تميم قال: كنا عند أبي العوام، فقرأ هذه الآية { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } فقال ما تسعةَ عَشَر؟ تسعة عشر ألف مَلَك، أو تسعة عشر مَلكاً؟ قال: قلت: لا بل تسعةَ عَشَر مَلكاً. فقال: وأنَّى تعلم ذلك؟ فقلت: لقول الله عز وجل: { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال: صدقت هم تسعة عشر مَلَكاً، بيد كل مَلَك منهم مِرْزَبَة لها شُعْبتان، فيضرب الضربة فيهوي بها في النار سبعين ألفاً. وعن عمرو بن دينار: كل واحد منهم يدفع بالدَّفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومُضَرَ. خرَّج الترمذيّ عن جابر بن عبد الله قال: " قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: هل يعلم نبيكم عدد خَزَنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا. فجاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد غُلِب أصحابك اليوم فقال: «وَبِمَ غُلِبوا»؟ قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم عدد خَزَنة جهنم؟ قال: «فماذا قالوا»؟ قال: قالوا لا ندري حتى نسأل نبيّنا. قال: «أفغُلِب قوم سئلوا عما لا يعلمون، فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا؟ لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا أرنا الله جَهْرة، عليّ بأعداء الله! إني سائلهم عن تُرْبة الجنة وهي الدَّرْمَك». فلما جاؤوا قالوا: يا أبا القاسم كم عدد خَزَنة جهنم؟ قال: «هكذا وهكذا» في مرة عشرة وفي مرة تسعة. قالوا: نعم. قال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما تُرْبة الجنة» قال: فسكتوا هنيهة ثم قالوا: أخبزة يا أبا القاسم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخبزُ من الدَّرْمَك» " قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد عن الشَّعْبي عن جابر.

السابقالتالي
2 3 4