الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } أي قالوا لِمن دونهم. { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } أي هالكون. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } أي الزلزلة. وقيل: الصيحة. وأصحاب الأَيْكَة أهلِكوا بالظُّلّة، على ما يأتي. قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } قال الجرجانِيّ: قيل هذا كلام مستأنف أي الذين كذبوا شعيبا صاروا كأنهم لم يزالوا موتى. و «يَغْنَوْا» يقيموا يقال: غَنِيت بالمكان إذا أقمت به. وغنِي القوم في دارهم أي طال مُقامهم فيها. والمَغْنَى: المنزل والجمع المَغَاني. قال لَبِيد:
وغَنِيت سِتاً قبلَ مَجْرَى دَاحِسٍ   لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلود
وقال حاتم طيّ:
غنِينا زمانا بالتَّصَعْلُكِ والغِنَى   كما الدّهرُ في أيامه العسرُ واليسرُ
كسبنا صُروفَ الدَّهْر لِيناً وغِلظة   وكلاًّ سقاناه بكأْسِهما الدهرُ
فما زادنا بَغْياً على ذِي قرابة   غِنَانَا ولا أَزْرَى بأحسابنا الفَقْرُ
{ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } ابتداء خطاب، وهو مبالغة في الذم والتوبيخ وإعادة لتعظيم الأمر وتفخيمه. ولما قالوا: من ٱتبع شعيباً خاسِر قال الله الخاسرون هم الذين قالوا هذا القول. { فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي أحزن. أسيت على الشيء آسَى أسىً، وأنا آسٍ.