الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } أي التُّربة الطيبة. والخَبِيثُ الذي في تربته حجارة أو شوك عن الحسن. وقيل: معناه التشبيه، شبَّه تعالى السريعَ الفهم بالبلد الطيب، والبَلِيدَ بالذي خَبُثَ عن النحاس. وقيل: هذا مثل للقلوب فقلب يقبل الوعظ والذِّكْرى، وقلب فاسق يَنْبُو عن ذلك قاله الحسن أيضاً. وقال قتادة: مَثَلُ للمؤمن يعمل محتسِباً متطوّعاً، والمنافق غير محتسب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذِي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مِرْمَاتَيْن حسَنَتَين لشهد العِشاء " { نَكِداً } نصب على الحال، وهو العَسِر الممتنع من إعطاء الخير. وهذا تمثيل. قال مجاهد: يعني: أن في بني آدم الطيب والخبيث. وقرأ طلحة «إلاَّ نَكْداً» حذف الكسرة لثقلها. وقرأ ٱبن القَعْقَعاع «نَكَداً» بفتح الكاف، فهو مصدر بمعنى ذا نكد. كما قال:
فإنَّمَـا هِيَ إِقْبَـالٌ وإدْبَـارِ   
وقيل: «نَكِداً» بنصب الكاف وخفضها بمعنًى كالدّنَف والدّنِف، لغتان. { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } أي كما صرفنا من الآيات، وهي الحجج والدّلالات، في إبطال الشرك كذلك نصرف الآيات في كل ما يحتاج إليه الناس. { لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } وخصّ الشاكرين لأنهم المنتفعون بذلك.