الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } يعني الكتاب والسنة. قال الله تعالى:وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [الحشر: 7]. وقالت فرقة: هذا أمر يعمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمّته. والظاهر أنه أمرٌ لجميع الناس دونَه. أي ٱتبعوا ملَّة الإسلام والقرآن، وأحِلوا حلالَه وحرِّموا حرامه، وٱمتثلوا أمره، وٱجتنبوا نهيه. ودلّت الآية على ترك ٱتباع الآراء مع وجود النصِّ. الثانية: قوله تعالى: { وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } «مِنْ دُونِهِ» من غيره. والهاء تعود على الرب سبحانه، والمعنى: لا تعبدوا معه غيره، ولا تتخذوا مَن عدلَ عن دين الله ولِياً. وكل من رضي مذهباً فأهل ذلك المذهب أولياؤه. وروي عن مالك ابن دِينار أنه قرأ { وَلاَ تَبْتَغُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي ولا تطلبوا. ولم ينصرف «أولياء» لأن فيه ألف التأنيث. وقيل: تعود على «ما» من قوله: { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ }. { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } «ما» زائدة. وقيل: تكون مع الفعل مصدراً.