قوله تعالىٰ: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً } نظيره{ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } [الأعراف: 55] وقد تقدّم. قال أبو جعفر النحاس: ولم يختلف في معنى { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ } أنه في الدعاء. قلت: قد رُوي عن ابن عباس أنه يعني بالذكر القراءةَ في الصَّلاة. وقيل: المعنى اقرأ القرآن بتأمّل وتدبُّر. «تَضَرُّعاً» مصدر، وقد يكون في موضع الحال. «وَخِيفَةً» معطوف عليه. وجمع خيفة خِوَف لأنه بمعنى الخَوْف ذكره النحاس. وأصل خِيفة خِوْفَة، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. خاف الرجل يخاف خوفاً وخِيفة ومَخافة، فهو خائف، وقوم خُوَّف على الأصل، وخُيَّف على اللفظ. وحكى الفراء أنه يُقال أيضاً في جمع خِيفة خِيف. قال الجوهري: والخِيفة الخوف، والجمع خِيف، وأصله الواو. { وَدُونَ ٱلْجَهْرِ } أي دون الرفع في القول. أي أسمع نفسك كما قال:{ وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [الإسراء: 110] أي بين الجهر والمخافتة. ودلّ هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع على ما تقدم في غير موضع. { بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } قال قتادة وابن زيد: الآصال العَشيَّات. والغدوّ جمع غُدْوة. وقرأ أبو مِجْلَز «بِالْغُدُوِّ وَالإِيصالِ» وهو مصدر آصلنا، أي دخلنا في العَشِيّ. والآصال جمع أُصُل مثل طُنُب وأطْنَاب فهو جمع الجمع، والواحد أصيل، جُمِع على أُصُل عن الزجاج. الأخفش: الآصال جمع أَصِيل مثلُ يَمِين وأيْمَان. الفراء: أُصُل جمع أصيل، وقد يكون أُصُل واحداً، كما قال الشاعر:
ولا بأحسن منها إذْ دَنَا الأُصُلُ
الجوهرِيّ: الأصِيل الوقت بعد العصر إلى المغرب، وجمعه أُصُل وآصال وأصائل كأنه جمع أصِيلة قال الشاعر:
لعمرِي لأنتَ البيْتُ أكرِمُ أهلَه
وأقعد في أفيائه بالأصائل
ويجمع أيضاً على أُصُلان مثل بَعير وبُعْران ثم صغّروا الجمع فقالوا أصَيْلاَن، ثم أبدلوا من النون لاَماً فقالوا أُصَيْلال ومنه قول النابغة:
وقفتُ فيها أصَيْلاَلاً أُسائلها
عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبْع من أحدِ
وحكى اللَّحْيانِيّ: لقيته أصَيْلاَلا. { وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } أي عن الذكر.