الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

أي أعلم أسلافهم أنهم إن غيّروا ولم يؤمنوا بالنبيّ الأُميّ بعث الله عليهم من يعذّبهم. وقال أبو عليّ: «آذن» بالمد، أعلم. و «أذّن» بالتشديد، نادى. وقال قوم: آذن وأذّن بمعنى أعلم كما يقال: أيقن وتيقّن. قال زهير:
فقلتُ تَعَلَّمْ إن للصيد غرّةً   فإلاّ تُضَيّعها فإنك قاتِلُهْ
وقال آخر:
تعلّم إن شر الناس حيّ   يُنَادَى في شعارهم يَسار
أي ٱعلم. ومعنى { يَسُومُهُمْ } يذيقهم وقد تقدّم في «البقرة». قيل: المراد بُخْتَنصّر. وقيل: العرب. وقيل: أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم. وهو أظهر فإنهم الباقون إلى يوم القيامة. والله أعلم. قال ابن عباس: «سُوءَ الْعَذَابِ» هنا أخذ الجِزْية. فإن قيل: فقد مُسِخوا، فكيف تؤخذ منهم الجزية؟ فالجواب أنها تؤخذ من أبنائهم وأولادهم، وهم أذلّ قوم، وهم اليهود. وعن سعيد بن جبير «سُوءَ الْعَذَابِ» قال: الخَراج، ولم يَجْب نبيّ قطّ الخَراج، إلا موسى عليه السلام هو أوّل من وضع الخراج، فجباه ثلاث عشرة سنة، ثم أمسك، ونبينا عليه السلام.