الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ }

قوله تعالى: { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ } يريد بني إسرائيل. { ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } أي يُسْتَذَلُّون بالخدمة. { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } زعم الكِسائي والفرَّاء أن الأصل «في مشارق الأرض ومغاربها» ثم حُذِفَ «في» فنصب. والظاهر أنهم وَرِثوا أرض القبط. فهما نصبٌ على المفعول الصريح يقال: ورِثت المال وأورثته المال فلما تعدّى الفعل بالهمزة نصب مفعولين. والأرض هي أرض الشأم ومصر. ومشارقها ومغاربها جهاتُ الشرق والغرب بها فالأرض مخصوصة، عن الحسن وقَتادة وغيرهما. وقيل: أراد جميع الأرض لأنّ مِن بني إسرائيل داود وسليمان وقد ملكا الأرض. { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } أي بإخراج الزروع والثمار والأنهار. { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } هي قوله:وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [القصص: 5]. { بِمَا صَبَرُواْ } أي بصبرهم على أذى فرعون، وعلى أمر الله بعد أن آمنوا بموسى. { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } يقال: عَرَش يَعْرِش إذا بَنَى. قال ابن عباس ومجاهد: أي ما كانوا يبنون من القصور وغيرها. وقال الحسن: هو تعريش الكَرْم. وقرأ ٱبن عامر وأبو بكر عن عاصم «يَعْرُشون» بضم الراء. قال الكسائيّ: هي لغة تميم. وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَة «يُعرِّشون» بتشديد الراء وضم الياء.