الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ }

قوله تعالىٰ: { وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ } وحُذف ذِكر الإرسال لعلم السامع. قال ابن عبد الحكم: كانوا اثني عشر نَقِيباً، مع كل نَقِيب عشرون عَرِيفا، تحت يدي كل عريف ألفُ ساحرٍ. وكان رئيسهم شمعون في قول مقاتل بن سليمان. وقال ابن جُريح: كانوا تسعمائة من العريش والفيوم والإسكندرية أثلاثا. وقال ابن إسحاق: كانوا خمسة عشر ألف ساحر وروي عن وهب. وقيل: كانوا ٱثني عشر ألفاً.، وقال ٱبن المنكدر ثمانين ألفاً. وقيل: أربعة عشر ألفاً. وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الرِّيف، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد، وثلاثمائة ألف ساحر من الفيُّوم وما والاها. وقيل: كانوا سبعين رجلاً. وقيل: ثلاثة وسبعين فالله أعلم. وكان معهم فيما رُوي حِبالٌ وِعصِيّ يحملها ثلاثمائة بعير. فٱلتقمت الحية ذلك كله. قال ٱبن عباس والسُّدّي: كانت إذا فتحت فَاهَا صار شِدْقُها ثمانين ذراعاً واضعة فكَّها الأسفل على الأرض، وفكّها الأعلى على سُور القصر. وقيل: كان سعة فمها أربعين ذراعاً والله أعلم. فقصدت فرعون لتبتلعه، فوثب من سريره فهرب منها واستغاث بموسىٰ فأخذها فإذا هي عصاً كما كانت. قال وهب: مات من خوف العَصَا خمسة وعشرون ألفاً. { قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً } أي جائزة ومالاً. ولم يقل فقالوا بالفاء لأنه أراد لما جاءوا قالوا: وقرىء «إنَّ لَنَا» على الخبر. وهي قراءة نافع وابن كثير. ألزموا فرعونَ أن يجعل لهم مالاً إن غَلَبوا فقال لهم فرعون: { نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي لمن أهل المنزلة الرفيعة لدينا، فزادهم على ما طلبوا. وقيل: إنهم إنما قطعوا ذلك لأنفسهم في حكمهم إن غلبوا. أي قالوا: يجب لنا الأجر إن غلبنا. وقرأ الباقون بالاستفهام على جهة الاستخبار. استخبروا فرعون: هل يجعل لهم أجراً إن غلبوا أولا فلم يقطعوا على فرعون بذلك: إنما استخبروه هل يفعل ذلك فقال لهم «نعم» لكم الأجر والقُرْب إن غلَبَتم.