الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ }

يعني الأخنس بن شَرِيق في قول الشعبيّ والسُّديّ وٱبن إسحاق. وقيل: الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرحمن بن الأسود قاله مجاهد. وقيل: الوليد بن المغيرة، عرض على النبيّ صلى الله عليه وسلم مالاً وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه قاله مقاتل. وقال ابن عباس: هو أبو جهل بن هشام. والحلاّف: الكثير الحَلِف. والمَهِين: الضعيف القلب عن مجاهد. ٱبن عباس: الكذاب. والكذاب مهين. وقيل: المكثار في الشَّر قاله الحسن وقتادة. وقال الكلبيّ: المَهِين الفاجر العاجز. وقيل: معناه الحقير عند الله. وقال ٱبن شجرة: إنه الذليل. الرُّمّاني: المهين الوضيع لإكثاره من القبيح. وهو فعيل من المهانة بمعنى القلة. وهي هنا القلة في الرأي والتمييز. أو هو فعيل بمعنى مُفْعَل والمعنى مُهان. { هَمَّازٍ } قال ابن زيد: الهّماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم. واللماز باللسان. وقال الحسن: هو الذي يهمز ناحية في المجلس كقوله تعالى:هُمَزَة } [الهمزة:1] وقيل: الهَمّاز الذي يذكر الناس في وجوههم. واللّماز الذي يذكرهم في مغيبهم قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضاً. وقال مقاتل ضدّ هذا الكلام: إن الهُمَزَة الذي يغتاب بالغيبة. واللُّمَزَة الذي يغتاب في الوجه. وقال مرّة: هما سواء. وهو القَتّات الطّعّان للمرء إذا غاب. ونحوه عن ابن عباس وقتادة. قال الشاعر:
تُدْلِي بودّ إذا لاقيتني كذباً   وإنْ أغِبْ فأنت الهامز اللُّمَزَهْ
{ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ } أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم. يقال: نَمّ يَنِمّ نَمًّا ونَمِيماً ونَمِيمَةً أي يمشي ويسعى بالفساد. وفي صحيح مسلم: عن حُذيفة أنه بلغه أن رجلاً ينمّ الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل الجنة نمّام " وقال الشاعر:
وموْلىً كبيت النمل لا خير عنده   لمولاه إلا سَعْيُه بنميم
قال الفرّاء: هما لغتان. وقيل: النَّميم جمع نَميمة. { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أي للمال أن ينفق في وجوهه. وقال ابن عباس: يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته. وقال الحسن: يقول لهم من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً. { مُعْتَدٍ } أي على الناس في الظلم، متجاوز للحدّ، صاحب باطل. { أَثِيمٍ } أي ذي إثم، ومعناه أَثُوم، فهو فَعيل بمعنى فعول. { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } العُتُلّ الجافي الشديد في كفره. وقال الكلبيّ والفراء: هو الشديد الخصومة بالباطل. وقيل: إنه الذي يعتِل الناس فيجرّهم إلى حبس أو عذاب. مأخوذ من العَتْل وهو الجرّ ومنه قوله تعالى:خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ } [الدخان:47] وفي الصَّحاح: وعتلت الرجل أعْتِله وأعْتُله إذا جذبته جذباً عنيفاً. ورجل مِعْتَل بالكسر. وقال يصف فرساً:
نَفْرعه فرعاً ولسنا نَعْتِله   
قال ابن السكيت: عَتَله وَعتَنه، باللام والنون جميعاً. والْعُتُلّ الغليظ الجافي. والْعُتُلّ أيضاً: الرمح الغليظ: ورجل عَتِلٌ بالكسر بَيِّن العَتَل أي سريع إلى الشر.

السابقالتالي
2 3