الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }

قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ } أي كما ذلّل الأرض للآدمي ذلّل الهواء للطيور. و «صَافّات» أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها لأنهن إذا بسطنها صَفَفْنَ قوائمها صَفّاً. { وَيَقْبِضْنَ } أي يضربن بها جُنُوبَهُنَّ. قال أبو جعفر النحاس: يقال للطائر إذا بسط جناحيه: صافٌّ، وإذا ضَمّهما فأصابا جَنْبَه: قابض لأنه يقبضهما. قال أبو خِرَاش:
يبادر جُنْح الليل فهو مُوَائل   يَحُثّ الجناح بالتبَسُّطِ والْقَبضِ
وقيل: ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا وقفن من الطيران. وهو معطوف على «صَافَّاتٍ» عطف المضارع على اسم الفاعل كما عطف اسم الفاعل على المضارع في قول الشاعر:
بات يُعَشّيها بَعضْب باتر   يَقْصِدُ في أسْوُقها وجائِرِ
{ مَا يُمْسِكُهُنَّ } أي ما يمسك الطير في الجوّ وهي تطير إلا الله عز وجل. { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }.