الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالىٰ: { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ } الآية. المعنى: ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلاماً مكتوباً «في قرطاس». وعن ٱبن عباس: كتاباً معلّقاً بين السماء والأرض وهذا يبيّن لك أن التنزيل على وجهين أحدهما ـ على معنى نزل عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به. والآخر ـ ولو نزلنا كتاباً في قرطاس يمسكه الله بين السماء والأرض وقال: «نَزَّلْنَا» على المبالغة بطول مكث الكِتاب بين السماء والأرض. والكتاب مصدر بمعنى الكتابة فبيّن أن الكتابة في قرطاس لأنه غير معقول كتابة إلاَّ في قرطاس أي في صحيفة، والقرطاس الصحيفة ويُقال: قُرْطاس بالضم وقَرطَس فلان إذا رمى فأصاب الصحيفة الملزقة بالهَدف. { فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } أي فعاينوا ذلك ومسُّوه باليد كما ٱقترحوا وبالغوا في مَيْزه وتقليبه جسّاً بأيديهم، ليرتفع كل ٱرتياب ويزول عنهم كل إشكال، لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم، وقالوا: سحر مبين إنما سكِّرت أبصارُنا وسُحِرنا وهذه الآية جواب لقولهم: { حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } فأعلم الله بما سبق في علمه من أنه لو نزل لكذّبوا به. قال الكَلْبيّ: نزلت في النَّضْر بن الحرث وعبد الله بن أبي أُميّة ونوفل بن خُويلد قالوا:لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90] الآية.