الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ }

قوله تعالىٰ: { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أي كما فتنا مِن قبلك كذلك فتنا هؤلاءِ. والفتنة الاختبار أي عاملناهم معاملة المختَبَرين. { لِّيَقُولوۤاْ } نصب بلام كي، يعني الأشراف والأغنياء. { أَهَـٰؤُلاۤءِ } يعني الضعفاء والفقراء. { مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } قال النحاس: وهذا من المشكل لأنه يُقال: كيف فُتِنوا ليقولوا هذه الآية؟ لأنه إن كان إنكاراً فهو كفر منهم. وفي هذا جوابان: أحدهما ـ أن المعنى اختبِر الأغنياء بالفقراء أن تكون مرتبتهم واحدة عند النبي صلى الله عليه وسلم، ليقولوا على سبيل الاستفهام لا على سبيل الإنكار: { أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ }. والجواب الآخر ـ أنهم لما اختبروا بهذا فآل عاقبته إلى أن قالوا هذا على سبيل الإنكار، وصار مثل قوله:فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8]. { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّاكِرِينَ } فيمنّ عليهم بالإيمان دون الرؤساء الذين علم الله منهم الكفر وهذا استفهام تقرير وهو جواب لقولهم: { أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } وقيل: المعنى أليس الله بأعلم من يشكر الإسلام إذا هديته إليه.