الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

قوله تعالىٰ: { وَأَنذِرْ بِهِ } أي بالقرآن. والإنذار الإعلام وقد تقدّم في «البقرة». وقيل: «بِهِ» أي بالله. وقيل: باليوم الآخر. وخص { ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ } لأن الحجة عليهم أوجب، فهم خائفون من عذابه، لا أنهم يتردّدون في الحشر فالمعنى «يخافون» يتوقعون عذاب الحشر. وقيل: { يَخَافُونَ } يعلمون، فإن كان مسلماً أنذر ليترك المعاصي، وإن كان من أهل الكتاب أنذر ليتبع الحق. وقال الحسن: المراد المؤمنون. قال الزجاج: كل من أقرّ بالبعث من مؤمن وكافر. وقيل: الآية في المشركين أي أنذرهم بيوم القيامة. والأوّل أظهر. { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ } أي من غير الله { شَفِيعٌ } هذا ردّ على اليهود والنصارى في زعمهما أن أباهما يشفع لهما حيث قالوا: «نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه» والمشركون حيث جعلوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله، فأعلم الله أن الشفاعة لا تكون للكفار. ومن قال الآية في المؤمنين قال: شفاعة الرسول لهم تكون بإذن الله فهو الشفيع حقيقة إذن وفي التنزيل:وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } [الأنبياء: 28].وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [سبأ: 23].مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]. { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي في المستقبل، وهو الثبات على الإيمان.