الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

قوله تعالى: { قُلْ يَاقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } وقرأ أبو بكر بالجمع «مكاناتكم». والمكانة الطريقة. والمعنى: ٱثبتوا على ما أنتم عليه فأنا أثبت على ما أنا عليه. فإن قيل: كيف يجوز أن يؤمروا بالثبات على ما هم عليه وهم كفار. فالجواب أن هذا تهديد كما قال عز وجل:فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً } [التوبة: 82]. ودلّ عليه «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ» أي العاقبة المحمودة التي يحمد صاحبها عليها، أي من له النصر في دار الإسلام، ومن له وراثة الأرض، ومن له الدار الآخرة، أي الجنة. قال الزجاج: «مكانتكم» تمكّنكُم في الدنيا. ٱبن عباس والحسن والنخَعيّ: على ناحيتكم. القُتَبيّ: على موضعكم. { إِنَّي عَامِلٌ } على مكانتي، فحذف لدلالة الحال عليه. «ومَنْ» مِن قوله «مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ» في موضع نصب بمعنى الذي لوقوع العلم عليه. ويجوز أن تكون في موضع رفع لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله فيكون الفعل معلقاً. أي تعلمون أيّنا تكون له عاقبة الدّار كقوله:لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ } [الكهف: 12] وقرأ حمزة والكِسائيّ «من يكون» بالياء.