الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }

قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } فرأوْهم عياناً. { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } بإحيائنا إيّاهم. { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ } سألوه من الآيات. { قُبُلاً } مُقابلة عن ٱبن عباس وقَتادة وٱبن زيد. وهي قراءة نافع وٱبنِ عامر. وقيل: معاينة، لَمَا آمنوا. وقال محمد بن يزيد: يكون «قِبلاً» بمعنى ناحية كما تقول لي قِبَل فلان مالٌ فَقِبِلاً نصب على الظرف. وقرأ الباقون «قُبُلاً» بضم القاف والباء، ومعناه ضمَناء فيكون جمع قبِيل بمعنى كفيل، نحو رغِيف ورُغُف كما قال:أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } [الإسراء: 92] أي يضمنون ذلك عن الفرّاء. وقال الأخفش: هو بمعنى قَبِيل قَبيل أي جماعة جماعة، وقاله مجاهد، وهو نصب على الحال على القولين. وقال محمد بن يزيد «قُبُلاً» أي مقابلة ومنهإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ } [يوسف: 26]. ومنه قُبُل الرجل ودُبُره لِما كان من بين يديه ومن ورائه. ومنه قُبُل الحيض. حكى أبو زيد: لقِيت فلاناً قُبُلاً ومقابلة وقَبَلاً وقِبُلاً، كله بمعنى المواجهة فيكون الضم كالكسر في المعنى وتستوي القراءتان قاله مَكِّيّ. وقرأ الحسن «قُبْلاً» حذف الضمة من الباء لثقلها. وعلى قول الفَرّاء يكون فيه نطق ما لا ينطق، وفي كفالة ما لا يعقل آية عظيمة لهم. وعلى قول الأخفش يكون فيه اجتماع الأجناس الذي ليس بمعهود. والحشر الجمع. { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } «أن» في موضع استثناء ليس من الأوّل أي لكن إن شاء ذلك لهم. وقيل: الاستثناء لأهل السعادة الذين سبق لهم في علم الله الإيمان. وفي هذا تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } أي يجهلون الحق. وقيل: يجهلون أنه لا يجوز اقتراح الآيات بعد أن رأوا آية واحدة.