الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

وقيل: ما أقسم الله به عظيم { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } ذكر المقسم عليه أي أقسم بمواقع النجوم إن هذا القرآن قرآن كريم، ليس بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله الله تعالى معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو كريم على المؤمنين، لأنه كلام ربّهم، وشفاء صدورهم كريم على أهل السماء لأنه تنزيل ربّهم ووَحْيه. وقيل: { كَرِيمٌ } أي غير مخلوق. وقيل: { كَرِيمٌ } لما فيه من كريم الأخلاق ومعاني الأمور. وقيل: لأنه يُكِّرم حافظه، ويُعظّم قارئه. الرابعة: قوله تعالى: { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } مصون عند الله تعالى. وقيل: مكنون محفوظ عن الباطل. والكتاب هنا كتاب في السماء قاله ٱبن عباس. وقال جابر بن زيد وٱبن عباس أيضاً: هو اللوح المحفوظ. عِكرمة: التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن ومن ينزل عليه. السّديّ: الزبور. مجاهد وقتادة: هو المصحف الذي في أيدينا. الخامسة: قوله تعالى: { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } ٱختلف في معنى { لاَّ يَمَسُّهُ } هل هو حقيقة في المسّ بالجارحة أو معنًى؟ وكذلك ٱختلف في «الْمُطَهَّروُنَ» من هم؟ فقال أنس وسعيد بن جُبير: لا يمسّ ذلك الكتاب إلا المطهَّرون من الذنوب وهم الملائكة. وكذا قال أبو العالية وابن زيد: إنهم الذين طُهِّروا من الذنوب كالرسل من الملائكة والرسل من بني آدم فجبريل النازل به مُطهَّر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مُطهَّرون. الكلبيّ: هم السَّفَرة الكرام البرَرَة. وهذا كله قول واحد، وهو نحو ما ٱختاره مالك حيث قال: أحسن ما سمعت في قوله { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } أنها بمنزلة الآية التي في «عَبَسَ وَتَوَلَّى»:فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ.فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ.مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ.بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [عبس:12-16] يريد أن المطهَّرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة «عبس». وقيل: معنى «لاَ يَمَسُّهُ» لا ينزل به «إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ» أي الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء. وقيل: لا يمسّ اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرّون. وقيل: إن إسرافيل هو الموكّل بذلك حكاه القشيري. ٱبن العربي: وهذا باطل لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال. وأما من قال: إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف فهو قول محتمل وهو ٱختيار مالك. وقيل: المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا وهو الأظهر. وقد روى مالك وغيره أن في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته: من محمد النبيّ إلى شُرَحْبيل بن عبد كُلاَل والحرث بن عبد كُلاَل ونُعَيْم بن عبد كُلاَل قَيْل ذي رُعَين ومَعَافر وهَمْدان أما بعد وكان في كتابه: ألا يمسّ القرآن إلا طاهر. وقال ٱبن عمر: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:

PreviousNext
1 3