الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله تعالى: { ٱلرَّحْمَـٰنُ. عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } قال سعيد بن جبير وعامر الشَّعْبي: { ٱلرَّحْمَـٰنُ } فاتحة ثلاث سور إذا جُمعن كن ٱسماً من أسماء الله تعالى «الۤر» و «حۤم» و «نۤ» فيكون مجموع هذه { ٱلرَّحْمَـٰنُ. عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } أي علّمه نبيّه صلى الله عليه وسلم حتى أدّاه إلى جميع الناس. وأنزلت حين قالوا: وَمَا الرَّحْمٰنُ؟ وقيل: نزلت جواباً لأهل مكة حين قالوا: إنما يعلّمه بشر وهو رحمٰن اليمامة يعنون مسيلِمة الكذّاب، فأنزل الله تعالى: { ٱلرَّحْمَـٰنُ } { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } وقال الزجاج: معنى «عَلَّمَ الْقُرْآنَ» أي سهّله لأن يُذكر ويُقرأ كما قال:وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } [القمر:17] وقيل: جعله علامة لما تعبد الناس به. { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } قال ٱبن عباس وقتادة والحسن يعني آدم عليه السلام. { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } أسماء كل شيء. وقيل: علمه اللغات كلها. وعن ٱبن عباس أيضاً وٱبن كيسان: الإنسان هاهنا يراد به محمد صلى الله عليه وسلم والبيان بيان الحلال من الحرام، والهدى من الضلال. وقيل: ما كان وما يكون لأنه بَيّن عن الأوّلين والآخرين ويوم الدِّين. وقال الضحاك: «البيان» الخير والشر. وقال الربيع بن أنس: هو ما ينفعه وما يضره وقاله قتادة. وقيل: «الإنْسَانَ» يراد به جميع الناس فهو ٱسم للجنس و «الْبَيَانَ» على هذا الكلامُ والفهم، وهو مما فُضّل به الإنسان على سائر الحيوان. وقال السديّ: علّم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به. وقال يمان: الكتابة والخط بالقلم. نظيره:عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ. عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق:4-5] { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } أي يجريان بحساب معلوم فأضمر الخبر. قال ٱبن عباس وقتادة وأبو مالك: أي يجريان بحساب في منازل لا يعدوانها ولا يحيدان عنها. وقال ٱبن زيد وٱبن كيسان: يعني أن بهما تحسب الأوقات والآجال والأعمار، ولولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يَحسب شيئاً لو كان الدهر كلّه ليلاً أو نهاراً. وقال السديّ: «بِحُسْبَانٍ» تقدير آجالهما أي تجري بآجال كآجال الناس، فإذا جاء أجلهما هلكا نظيره:كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى } [الزمر:5] وقال الضحاك: بقدر. مجاهد: «بِحُسْبَانٍ» كحسبان الرَّحَى يعني قطبها يدوران في مثل القطب. والحُسْبان قد يكون مصدر حَسَبته أحْسُبُه بالضم حَسْباً وحُسْباناً، مثل الغُفْران والكُفْران والرُّجْحان، وِحسابة أيضاً أي عددته. وقال الأخفش: ويكون جماعة الحساب مثل شِهاب وشُهبان. والحُسْبان أيضاً بالضم العذاب والسهام القصار، وقد مضى في «الكهف» الواحدة حُسْبانة، والحُسْبانة أيضاً الوسادة الصغيرة تقول منه: حَسَّبتُه إذا وسَّدْته قال:
... لَثَوَيْـتَ غيـر مُحَسَّـب   
أي غير موسَّد يعني غير مكَرَّم ولا مكَفَّن { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } قال ٱبن عباس وغيره: النجم ما لا ساق له والشجر ما له ساق، وأنشد ٱبن عباس قول صفوان بن أسد التميمي:
لَقَد أَنْجَمَ الْقَاعُ الكَبيرُ عِضَاهَه   وتَمَّ به حيّاً تَميم ووَائلِ

السابقالتالي
2 3 4 5