الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ }

قوله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } قال ٱبن عباس ومجاهد: معنى { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } والثُّرَيَّا إذَا سقطت مع الفجر والعرب تسمي الثُّريَّا نجماً وإن كانت في العدد نجوماً يقال: إنها سبعة أنجم، ستة منها ظاهرة وواحد خفيّ يَمتحِن الناس به أبصارهم. وفي «الشِّفا» للقاضي عياض: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يرى في الثُّريا أحد عشر نجماً. وعن مجاهد أيضاً أن المعنى والقرآن إذا نزل لأنه كان ينزل نجوماً. وقاله الفرّاء. وعنه أيضاً: يعني نجوم السماء كلها حين تغرب. وهو قول الحسن قال: أقسم الله بالنجوم إذا غابت. وليس يمتنع أن يعبر عنها بلفظ واحد ومعناه جمْع كقول الراعي:
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحِيرةٍ   سَرِيع بِأيدي الآكلِين جمُودُها
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أَحْسَنُ النَّجْمِ في السماءِ الثُّرَيَّا   وَالثُّرَيَّا في الأرضِ زَيْنُ النِّساءِ
وقال الحسن أيضاً: المراد بالنجم النجوم إذا سقطت يوم القيامة. وقال السدّي: إن النجم ههنا الزُّهرَة لأن قوماً من العرب كانوا يعبدونها. وقيل: المراد به النجوم التي ترجم بها الشياطين وسببه أن الله تعالى لما أراد بعث محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً كثر ٱنقضاض الكواكب قبل مولده، فذُعر أكثر العرب منها وفزعوا إلى كاهن كان لهم ضريراً، كان يخبرهم بالحوادث فسألوه عنها فقال: ٱنظروا البروج الاثني عشر فإن ٱنقضّ منها شيء فهو ذهاب الدنيا، فإن لم ينقضّ منها شيء فسيحدث في الدنيا أمر عظيم، فاستشعروا ذلك فلما بُعِث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كان هو الأمر العظيم الذي ٱستشعروه، فأنزل الله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } أي ذلك النجم الذي هوى هو لهذه النبوّة التي حدثت. وقيل: النجم هنا هو النبت الذي ليس له ساق، وهَوَى أي سقط على الأرض. وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم: «وَالنَّجْمِ» يعني محمداً صلى الله عليه وسلم «إِذَا هَوَى» إذا نزل من السماء ليلة المعراج. وعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما: " أن عُتبة بن أبي لهب وكان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى الشام فقال: لآتينّ محمداً فلأوذينّه، فأتاه فقال: يا محمد أنا كافر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى. ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردّ عليه ٱبنته وطَلّقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللّهم سَلِّط عليه كلباً من كلابك» وكان أبو طالب حاضراً فوجم لها وقال: ما كان أغناك يا بن أخي عن هذه الدعوة، فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره، ثم خرجوا إلى الشام، فنزلوا منزلاً، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم: إن هذه أرض مسبعة. فقال أبو لهب لأصحابه: أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة! فإني أخاف على ٱبني من دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم، وأحدقوا بعتبة، فجاء الأسد يتَشمَّم وجوههم حتى ضرب عُتْبة فقتله "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7