الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } * { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } * { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } قال ٱبن عباس: إذا بعثوا من قبورهم سأل بعضهم بعضاً. وقيل: في الجنة { يَتَسَآءَلُونَ } أي يتذاكرون ما كانوا فيه في الدنيا من التعب والخوف من العاقبة، ويحمدون الله تعالى على زوال الخوف عنهم. وقيل: يقول بعضهم لبعض بم صرت في هذه المنزلة الرفيعة؟ { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } أي قال كل مسؤول منهم لسائله: { إِنَّا كُنَّا قَبْلُ } أي في الدنيا خائفين وجلين من عذاب الله. { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بالجنة والمغفرة. وقيل: بالتوفيق والهداية. { وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } قال الحسن: «السَّمُوم» ٱسم من أسماء النار وطبقة من طِباق جهنم. وقيل: هو النار كما تقول جهنم. وقيل: نار عذاب السَّمُوم. والسَّمُوم الريح الحارة تؤنث يقال منه: سُمَّ يومُنَا فهو مسموم والجمع سَمَائم قال أبو عبيدة: السَّمُوم بالنهار وقد تكون بالليل، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار وقد تستعمل السَّمُوم في لفح البرد وهو في لفح الحرّ والشمس أكثر، قال الراجز:
اليوم يومٌ باردٌ سَمُومُهُ   مَنْ جَزِع اليومَ فلا أَلُومهْ
قوله تعالى: { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ } أي في الدنيا بأن يمنّ علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل: «نَدْعُوهُ» أي نعبده. { إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ } وقرأ نافع والكسائي «أَنَّه» بفتح الهمزة أي لأنه. الباقون بالكسر على الابتداء. و«الْبَرُّ» اللطيف قاله ٱبن عباس. وعنه أيضاً: أنه الصادق فيما وعد. وقاله ٱبن جريج.