قوله تعالى: { وَفِي مُوسَىٰ } أي وتركنا أيضاً في قصة موسى آية. وقال الفراء: هو معطوف على قوله: { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ } «وَفِي مُوسَى». { إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة بيِّنة وهي العصا. وقيل: أي بالمعجزات من العصا وغيرها. قوله تعالى: { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي فرعون أعرض عن الإيمان «بِرُكْنِهِ» أي بجموعه وأجناده قاله ٱبن زيد. وهو معنى قول مجاهد، ومنه قوله:{ أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود: 80] يعني المنعة والعشيرة. وقال ابن عباس وقتادة: بقوته. ومنه قول عنترة:
فما أَوْهَى مِرَاسُ الْحَرْبِ رُكْنِي
ولَكِنْ مَا تَقَادَمَ مِن زَمَانِي
وقيل: بنفسه. وقال الأخفش: بجانبه كقوله تعالى:{ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } [الإسراء: 83] وقاله المؤرِّج. الجوهري: ورُكْن الشيء جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي عزة ومنعة. القشيري: والركن جانب البدن. وهذا عبارة عن المبالغة في الإعراض عن الشيء. { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } «أو» بمعنى الواو، لأنهم قالوها جميعاً. قاله المؤرج والفراء، وأنشد بيت جرير:
أَثَعْلَبَة الفَوَارِسَ أَو رِيَاحَا
عَدَلْتَ بِهِم طُهَيَّةَ والْخِشَابَا
وقد توضع «أو» بمعنى الواو كقوله تعالى:{ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } [الإنسان: 24] والواو بمعنى أو، كقوله تعالى:{ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } [النساء: 3] وقد تقدّم جميع هذا. { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ } لكفرهم وتوليهم عن الإيمان. { فَنَبَذْنَاهُمْ } أي طرحناهم { فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } يعني فرعون، لأنه أتى ما يلام عليه.