الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

قوله تعالى: { لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } فيه مسألة واحدة: وهي جواز لعن الكافرين وإن كانوا من أولاد الأنبياء، وأن شرف النسب لا يمنع إطلاق اللعنة في حقهم. ومعنى { عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } أي لعنوا في الزبور والإنجيل فإن الزبور لسان داود، والإنجيل لسان عيسى أي لعنهم الله في الكتابين. وقد تقدّم اشتقاقهما. قال مجاهد وقَتَادة وغيرهما. لعنهم مسخهم قردة وخنازير. قال أبو مالك: الذين لعنوا على لسان داود مُسِخوا قردة، والذين لعنوا على لسان عيسى مُسِخوا خنازير. وقال ابن عباس: الذين لعنوا على لسان داود أصحاب السبت، والذين لعنوا على لسان عيسى الذين كفروا بالمائدة بعد نزولها. وروى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: لُعِن الأسلافُ والأخلافُ ممن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم على لسان داود وعيسى لأنهما أَعلما أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم نبي مبعوث فَلَعَنَا من يكفر به. قوله تعالى: { ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا }. ذلك في موضع رفع بالابتداء أي ذلك اللعن بما عصوا أي بعصيانهم. ويجوز أن يكون على إضمار مبتدإ أي الأمر ذلك. ويجوز أن يكون في موضع نصب أي فعلنا ذلك بهم لعصيانهم واعتدائهم.