الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

قوله تعالى: { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } قال ٱبن عباس ومجاهد. إنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة. وقال ٱبن زيد: هي مغانم خيبر. { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } أي خيبر قاله مجاهد. وقال ٱبن عباس: عجّل لكم صلح الحديبية. { وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } يعني أهل مكة كفّهم عنكم بالصلح. وقال قتادة: كفّ أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وخيبر. وهو اختيار الطبري لأن كف أيدي المشركين بالحديبية مذكور في قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ }. وقال ٱبن عباس: في «كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ» يعني عُيَيْنة بنِ حصْن الفَزَارِي وعوف بن مالك النَّضْريّ ومن كان معهما إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر والنبي صلى الله عليه وسلم محاصر لهم فألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب وكَفّهم عن المسلمين { وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي ولتكون هزيمتهم وسلامتكم آية للمؤمنين فيعلموا أن الله يحرسهم في مشهدهم ومَغيبهم. وقيل: أي ولتكون كف أيدِيَهُمْ عنكم آية للمؤمنين. وقيل: أي ولتكون هذه التي عجلها لكم آية للمؤمنين على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها. والواو في «ولِتَكُونَ» مقحمة عند الكوفيين. وقال البصريون: عاطفة على مضمر أي وكف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية للمؤمنين. { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } أي يزيدكم هُدًى، أو يثبِّتكم على الهداية.