الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ }

قوله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أي نتعبّدكم بالشرائع وإن علمنا عواقب الأمور. وقيل: لنعاملنكم معاملة المختبرين. { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ } عليه. قال ابن عباس: «حَتَّى نَعْلَمَ» حتى نميّز. وقال عليّ رضي الله عنه. «حَتَّى نَعْلَمَ» حتى نرى. وقد مضى في «البقرة». وقراءة العامة بالنون في «نَبْلُوَنَّـكُـمْ» و «نعلم» و «نَبْلُوَ». وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء فيهنّ. وروى رُوَيس عن يعقوب إسكان الواو من «نبلو» على القطع مما قبل. ونصب الباقون ردًّا على قوله: «حَتَّى نَعْلَمَ». وهذا العلم هو العلم الذي يقع به الجزاء لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم. فتأويله: حتى نعلم المجاهدين علم شهادة لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة. { وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } نختبرها ونظهرها. قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفُضيل بن عِياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبتلينا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا.