الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله تعالى: { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } قال ابن عباس: ذوو الحزم والصبر قال مجاهد: هم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وهم أصحاب الشرائع. وقال أبو العالية: إن أولي العزم: نوح، وهود، وإبراهيم. فأمر الله عز وجل نبيّه عليه الصلاة والسلام أن يكون رابعهم. وقال السدّي: هم ستة: إبراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين. وقيل: نوح، وهود، وصالح، وشعيب، ولوط، وموسى وهم المذكورون على النسق في سورة «الأعراف والشعراء». وقال مقاتل: هم ستة: نوح صبر على أذى قومه مدّة. وإبراهيم صبر على النار. وإسحاق صبر على الذبح. ويعقوب صبر على فقد الولد وذهاب البصر. ويوسف صبر على البئر والسجن. وأيوب صبر على الضرّ. وقال ابن جُريج: إن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب، وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم. وقال الشعبيّ والكلبيّ ومجاهد أيضاً: هم الذين أمِروا بالقتال فأظهروا المكاشفة وجاهدوا الكفرة. وقيل: هم نجباء الرسل المذكورون في سورة «الأنعام» وهم ثمانية عشر: إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ونوح، وداود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكرياء، ويحيى، وعيسى، وإلياس وإسماعيل، واليسع، ويونس، ولوط. واختاره الحسن بن الفضل لقوله في عقبه:أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } [الأنعام:90]. وقال ابن عباس أيضاً: كل الرسل كانوا أولي عزم. واختاره عليّ بن مهدي الطبريّ، قال: وإنما دخلت «من» للتجنيس لا للتبعيض كما تقول: اشتريت أردية من البَزّ وأكسية من الخز. أي اصبر كما صبر الرسل. وقيل: كل الأنبياء أولو عَزْم إلا يونس بن متى ألا ترى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يكون مثله لخفة وعجلة ظهرت منه حين ولّى مُغاضِباً لقومه، فابتلاه الله بثلاث: سلّط عليه العمالقة حتى أغاروا على أهله وماله، وسلّط الذئب على ولده فأكله، وسلط عليه الحوت فابتلعه قاله أبو القاسم الحكيم. وقال بعض العلماء: أولو العزم اثنا عشر نبيّاً أرسلوا إلى بني إسرائيل بالشام فعصوهم، فأوحى الله إلى الأنبياء أني مرسل عذابي إلى عصاة بني إسرائيل فشق ذلك على المرسلين فأوحى الله إليهم اختاروا لأنفسكم، إن شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بني إسرائيل، وإن شئتم نجيتكم وأنزلت العذاب ببني إسرائيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على أن ينزل بهم العذاب وينجي الله بني إسرائيل فأنجى الله بني إسرائيل وأنزل بأولئك العذاب. وذلك أنه سلط عليهم ملوك الأرض فمنهم من نُشر بالمناشير، ومنهم من سلخ جلدة رأسه ووجهه، ومنهم من صُلب على الخشب حتى مات، ومنهم من حُرّق بالنار. والله أعلم. وقال الحسن: أولو العزم أربعة: إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى فأما إبراهيم فقيل له:

السابقالتالي
2