الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ }

قوله تعالى: { رَبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قرأ الكوفيون «رَبِّ» بالجر. الباقون بالرفع رَدًّا على قوله: { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }. وإن شئت على الابتداء، والخبرُ لا إلٰه إلا هو. أو يكون خبر ابتداء محذوف تقديره: هو ربّ السموات والأرض. والجر على البدل من «رَبِّكَ» وكذلك: «رَبُّـكُـمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ اْلأَوَّلِينَ» بالجر فيهما رواه الشَّيْزَرِيّ عن الكسائي. الباقون بالرفع على الاستئناف. ثم يحتمل أن يكون هذا الخطاب مع المعترف بأن الله خلق السموات والأرض أي إن كنتم موقنين به فٱعلموا أن له أن يرسل الرسل، وينزل الكتب. ويجوز أن يكون الخطاب مع من لا يعترف أنه الخالق أي ينبغي أن يعرفوا أنه الخالق وأنه الذي يحيي ويميت. وقيل: الموقن هاهنا هو الذي يريد اليقين ويطلبه كما تقول: فلان يُنْجِد أي يريد نجداً. ويُتهِم أي يريد تِهامة. { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي هو خالق العالم فلا يجوز أن يشرك به غيره ممن لا يقدر على خلق شيء. و «هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ» أي يحيي الأموات ويميت الأحياء. { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } أي مالككم ومالك من تقدم منكم. واتقوا تكذيب محمد لئلا ينزل بكم العذاب. { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } أي ليسوا على يقين فيما يظهرونه من الإيمان والإقرار في قولهم: إن الله خالقهم وإنما يقولونه لتقليد آبائهم من غير علم فهم في شك. وإن توهّموا أنهم مؤمنون فهم يلعبون في دينهم بما يعنّ لهم من غير حجة. وقيل: «يَلْعَبُونَ» يضيفون إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم الافتراء استهزاء. ويقال لمن أعرض عن المواعظ: لاعب وهو كالصبي الذي يلعب فيفعل ما لا يدري عاقبته.