الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ }

قال ٱبن عباس: { رَهْواً } أي طريقاً. وقاله كعب والحسن. وعن ٱبن عباس أيضاً سمتاً. الضحاك والربيع: سهلاً. عكرمة: يَبَساً، لقوله:فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً } [طه: 77]. وقيل: مفترقاً. مجاهد: منفرجاً. وعنه يابساً. وعنه ساكناً، وهو المعروف في اللغة. وقاله قتادة والهَروِيّ. وقال غيرهما: منفرجاً. وقال ٱبن عرفة: وهما يرجعان إلى معنى واحد وإن اختلف لفظاهما، لأنه إذا سكن جَرْيُه انفرج. وكذلك كان البحر يسكن جريه وانفرج لموسى عليه السلام. والرَّهْوُ عند العرب: الساكن، يقال: جاءت الخيل رَهْواً، أي ساكنة. قال:
والخيل تَمْزَعُ رَهْواً في أعنّتها   كالطير تنجو من الشُّؤبُوب ذي البرد
الجوهري: ويقال ٱفعل ذلك رَهْواً، أي ساكناً على هِينَتِك. وعيشٌ راهٍ، أي ساكن رافِه. وخِمْسٌ راهٍ، إذا كان سهلاً. ورها البحر أي سكن. وقال أبو عبيد: رَهَا بين رجليه يَرْهُو رَهْواً أي فتح، ومنه قوله تعالى: { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً }. والرَّهْوُ: السير السهل، يقال: جاءت الخيل رَهْواً. قال ابن الأعرابي: رَهَا يَرْهُو في السير أي رفَقَ. قال القطامي في نعت الركاب:
يَمْشِين رَهْواً فلا الأعجازُ خاذِلةٌ   ولا الصدورُ على الأعجاز تَتَّكِلُ
والرَّهْوُ والرَّهْوَة: المكان المرتفع، والمنخفض أيضاً يجتمع فيه الماء، وهو من الأضداد. وقال أبو عبيد: الرَّهْو: الجَوْبة تكون في مَحَلّة القوم يسيل فيها ماء المطر وغيره. وفي الحديث أنه قضى أن: " لا شفعة في فِناء ولا طريقٍ ولا مَنْقَبَةٍ ولا رُكْح ولا رَهْوٍ " والجمع رِهَاء. والرَّهْوُ: المرأة الواسعة الهَنِ، حكاه النَّضْر بن شُمَيلٍ. والرَّهْو: ضرب من الطير، ويقال: هو الكُرْكيّ. قال الهَرَوِيّ: ويجوز أن يكون «رَهْواً» من نعت موسى ـ وقاله القشيريّ ـ أي سِرْ ساكناً على هِينَتِك فالرهو من نعت موسى وقومه لا من نعت البحر، وعلى الأوّل هو من نعت البحر أي ٱتركه ساكناً كما هو قد انفرق فلا تأمره بالاْنضمام حتى يدخل فرعون وقومه. قال قتادة: أراد موسى أن يضرب البحر لما قطعه بعصاه حتى يلتئم، وخاف أن يتبعه فرعون فقيل له هذا. وقيل: ليس الرَّهْو من السكون بل هو الفرجة بين الشيئين يقال: رَهَا ما بين الرجلين أي فرج. فقوله: «رَهْواً» أي منفرجاً. وقال الليث: الرَّهْو مَشْيٌ في سكون، يقال: رها يرهو رَهْواً فهو راهٍ. وعيشٌ راهٍ: وادعٌ خافض. وٱفعل ذلك سَهْواً رَهْواً أي ساكناً بغير شدّة. وقد ذكرناه آنفاً. { إِنَّهُمْ } أي إن فرعون وقومه. { جُندٌ مُّغْرَقُونَ } أخبر موسى بذلك ليسكن قلبه.