الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } تقدّم الكلام فيه. وقيل: «حۤم» قسم. «وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ» قسم ثانٍ وللّه أن يقسم بما شاء. والجواب «إِنَّا جَعَلْنَاهُ». وقال ابن الأنباري: من جعل جواب «وَالْكِتَابِ» «حۤم» ـ كما تقول نزل والله وَجَب والله ـ وقف على «الْكتَابِ الْمُبِينِ». ومن جعل جواب القسم «إِنَّا جَعَلْنَاهُ» لم يقف على «الْكِتَابِ الْمُبِينِ». ومعنى: «جَعَلْنَاهُ» أي سمّيناه ووصفناه ولذلك تعدّى إلى مفعولين كقوله تعالى:مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ } [المائدة: 103]. وقال السُّدّي: أي أنزلناه قرآناً. مجاهد: قلناه. الزجاج وسفيان الثَّوْري: بيّناه. { عَرَبِيّاً } أي أنزلناه بلسان العرب لأن كل نبيّ أنزل كتابه بلسان قومه قاله سفيان الثوري وغيره. وقال مقاتل: لأن لسان أهل السماء عربيّ. وقيل: المراد بالكتاب جميع الكتب المنزلة على الأنبياء لأن الكتاب اسم جنس فكأنه أقسم بجميع ما أنزل من الكتب أنه جعل القرآن عربياً. والكناية في قوله: { جَعَلْنَاهُ } ترجع إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة كقوله تعالى:إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [القدر: 1]. { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي تفهمون أحكامه ومعانيه. فعلى هذا القول يكون خاصاً للعرب دون العجم قاله ابن عيسى. وقال ابن زيد: المعنى لعلكم تتفكرون فعلى هذا يكون خطاباً عاماً للعرب والعجم. ونعت الكتاب بالمبين لأن الله بيّن فيه أحكامه وفرائضه على ما تقدّم في غير موضع.