الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

قوله تعالى: { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ } يعني قال المشركون على طريق الاستهزاء والسخرية: لو شاء الرحمٰن على زعمكم ما عبدنا هذه الملائكة. وهذا منهم كلمة حق أريد بها باطل. وكل شيء بإرادة الله، وإرادتُه تجب وكذا علمه فلا يمكن الاحتجاج بها وخلاف المعلوم والمراد مقدور وإن لم يقع. ولو عبدوا الله بدل الأصنام لعلمنا أن الله أراد منهم ما حصل منهم. وقد مضى هذا المعنى في الأنعام عند قوله:سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا } [الأنعام: 148] وفي «يۤس»:أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } [يۤس: 47]. وقوله: { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ } مردود إلى قوله: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً } أي ما لهم بقولهم: الملائكة بنات الله ـ من علم قاله قتادة ومقاتل والكلبي. وقال مجاهد وابن جريج: يعني الأوثان أي ما لهم بعبادة الأوثان من علم. «مِن» صلة. { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } أي يَحْدِسون ويكذبون فلا عذر لهم في عبادة غير الله عز وجل. وكان في ضمن كلامهم أن الله أمرنا بهذا أو رضي ذلك منا، ولهذا لم ينهنا ولم يعاجلنا بالعقوبة.