الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }

المذَبْذَب: المتردّد بين أمرين والذَبذبة الاضطراب. يقال: ذَبْذَبْته فتذبذب ومنه قول النابغة:
ألم تر أنّ اللّه أعطاك سَوْرَة   ترى كلّ مَلْك دونَها يَتَذَبْذَبُ
آخر:
خيال لأم السّلْسَبيل ودونها   مَسيرة شَهْر للبريد المذَبْذِبِ
كذا روى بكسر الذال الثانية. قال ابن جِنِّي: أي المهتز القلق الذي لا يثبت ولا يتمهّل. فهؤلاء المنافقون متردّدون بين المؤمنين والمشركين، لا مخلصين الإيمان ولا مصرَّحين بالكفر. وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تَعِير إلى هذه مرة وإلى هذه أخرى " وفي رواية «تَكُر» بدل «تَعير». وقرأ الجمهور «مُذَبْذَبينَ» بضم الميم وفتح الذالين. وقرأ ابن عباس بكسر الذال الثانية. وفي حرف أَبيّ «مُتَذَبْذِبِين». ويجوز الإدغام على هذه القراءة «مذّبذِبِين» بتشديد الذال الأولى وكسر الثانية. وعن الحسن «مَذَبْذَبين» بفتح الميم والذالين.