الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } * { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

فيه خمس وثلاثون مسألة: الأُولى ـ قوله تعالى: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ } بيّن تعالى في هذه الآية ما أجمله في قوله: { لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ } { وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ } فدلّ هذا على جواز تأخير البيان عن وقت السؤال. وهذه الآية ركن من أركان الدين، وعمدة من عمد الأحكام، وأُمّ من أُمّهات الآيات فإن الفرائض عظيمة القدر حتى أنها ثُلث العلم، وروي نصفُ العلم. وهو أوّل علم يُنزع من الناس ويُنسى. رواه الدارقطنيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " تعلّموا الفرائض وعلِّموه الناس فإنه نصفُ العلم وهو أوّل شيء يُنسى وهو أوّل شيء يُنتزع من أُمّتي " وروي أيضاً عن عبد الله بن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس وتعلموا العلم وعلموه الناس فإني ٱمرؤ مقبوض وإنّ العلم سيقبض وتظهر الفِتَن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يفصل بينهما " وإذا ثبت هذا فٱعلم أن الفرائض كان جُلّ علم الصحابة، وعظيم مناظرتهم، ولكنّ الخلق ضيّعوه. وقد روى مُطَرِّف عن مالك، قال عبد الله بن مسعود: من لم يتعلم الفرائضَ والطلاق والحج فبِم يفضل أهل البادية؟ وقال ٱبن وهب عن مالك: كنت أسمع ربيعة يقول: من تعلم الفرائض من غير علم بها من القرآن ما أسرع ما ينساها. قال مالك: وصدق. الثانية ـ روى أبو داود والدارقطنيّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العلم ثلاثة وما سِوى ذلك فهو فضل: آية مُحكمةٌ أو سنّةٌ قائمة أو فريضةٌ عادلة " قال الخطّابِيّ أبو سليمان: الآية المحكمة هي كتاب الله تعالى: واشترط فيها الإحكام لأن من الآي ما هو منسوخ لا يعمل به، وإنما يعمل بناسخه. والسنة القائمة هي الثابتة مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من السنن الثابتة. وقوله: " أو فريضة عادلة " يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما ـ أن يكون من العدل في القسمة فتكون معدّلة على الأنصباء والسهام المذكورة في الكتاب والسنة. والوجه الآخر ـ أن تكون مُستنْبَطَة من الكتاب والسنة ومن معناهما فتكون هذه الفرِيضة تعدِل ما أُخذ من الكتاب والسنة إذْ كانت في معنى ما أخذ عنهما نَصّاً. روى عِكرِمة قال: أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت يسأله عن ٱمرأة تركت زوجها وأبويها. قال: للزوج النصف، وللأُمّ ثلث ما بقي. فقال: تجده في كتاب الله أو تقوله برأي؟ قال: أقوله برأي لا أفضل أُمّا على أبٍ.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد