قوله تعالى: { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } هذا بيان توفية كل نفس عملها، فيساق الكافر إلى النار والمؤمن إلى الجنة. والزُّمَر: الجماعات واحدتها زُمْرة كظُلْمة وغُرْفة. وقال الأخفش وأبو عبيدة: { زُمَراً } جماعات متفرقة بعضها إثر بعض. قال الشاعر:
وتَرى النَّاسَ إلى مَنْزِلِه
زُمَراً تَنْتَابُه بعْدَ زُمَرْ
وقال آخر:
حتّى احْزَأَلَّتْ
زُمَرٌ بعد زُمَرْ
وقيل: دفعاً وزجراً بصوت كصوت المزمار. { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } جواب إذا، وهي سبعة أبواب. وقد مضى في «الحجر». { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ } واحدهم خازن نحو سدنة وسادن، يقولون لهم تقريعاً وتوبيخاً. { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } أي الكتب المنزلة على الأنبياء. { وَيُنذِرُونَكُمْ } أي يخوّفونكم { لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ } أي قد جاءتنا، وهذا اعتراف منهم بقيام الحجة عليهم { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } وهي قوله تعالى:{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود: 119]. { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } أي يقال لهم ادخلوا جهنم. وقد مضى الكلام في أبوابها. قال وهب: تستقبلهم الزبانية بمقامع من نار فيدفعونهم بمقامعهم، فإنه ليقع في الدفعة الواحدة إلى النار بعدد ربيعة ومضر. { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } تقدم بيانه.