الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ }

قوله تعالى: { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً } أي تشاوروا في أمره لما غلبهم بالحجة حسب ما تقدّم في «الأنبياء» بيانه. فـ«قَالُوا ٱبْنُوا لَهُ بُنْيَاناً» تملأونه حطباً فتضرمونه، ثم ألقوه فيه وهو الجحيم. قال ٱبن عباس: بَنْوا حائطاً من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعاً، وملأوه ناراً وطرحوه فيها. وقال عبد اللّه بن عمرو بن العاص: فلما صار في البنيان قال: حسبي اللّه ونعم الوكيل. والألف واللام في «الجحِيمِ» تدل على الكناية أي في جحيمه أي في جحيم ذلك البنيان. وذكر الطبري: أن قائل ذلك ٱسمه الهِيزن رجل من أعراب فارس وهم الترك، وهو الذي جاء فيه الحديث: " بينما رجل يمشي في حُلّة له يتبختر فيها فخسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " واللّه أعلم. { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } أي بإبراهيم. والكيد المكر أي ٱحتالوا لإهلاكه. { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } المقهورين المغلوبين إذ نفذت حجته من حيث لم يمكنهم دفعها، ولم ينفذ فيه مكرهم ولا كيدهم.