الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ } * { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } * { وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } * { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }

فيها سبع عشرة مسألة: الأولى ـ قوله تعالى: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ } أي فوهبنا له الغلام فلما بلغ معه المبلغ الذي يسعى مع أبيه في أمور الدنيا معيناً على أعماله «قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى في الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ». وقال مجاهد: «فَلَمَا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي» أي شبّ وأدرك سعيُه سعَي إبراهيم. وقال الفراء: كان يومئذ ٱبن ثلاث عشرة سنة. وقال ٱبن عباس: هو الاحتلام. قتادة: مشى مع أبيه. الحسن ومقاتل: هو سعي العقل الذي تقوم به الحجة. ٱبن زيد: هو السعي في العبادة. ٱبن عباس: صام وصلّى، ألم تسمع اللّه عز وجل يقول:وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا } [الإسراء: 19]. وٱختلف العلماء في المأمور بذبحه. فقال أكثرهم: الذبيح إسحاق. وممن قال بذلك العباس بن عبد المطلب وٱبنه عبد اللّه وهو الصحيح عنه. روى الثوريّ وٱبن جريج يرفعانه إلى ٱبن عباس قال: الذبيح إسحاق. وهو الصحيح عن عبد اللّه بن مسعود أن رجلاً قال له: يا بن الأشياخ الكرام. فقال عبد اللّه: ذلك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح اللّه بن إبراهيم خليل اللّه صلى اللّه عليهم وسلم ـ. وقد روى حماد بن زيد يرفعه إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم " وروى أبو الزبير عن جابر قال: الذبيح إسحاق. وذلك مروي أيضاً عن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه. وعن عبد اللّه بن عمر: أن الذبيح إسحاق. وهو قول عمر رضي اللّه عنه. فهؤلاء سبعة من الصحابة. وقال به من التابعين وغيرهم عَلْقَمة والشّعبي ومجاهد وسعيد بن جُبير وكعب الأحبار وقتادة ومسروق وعِكرمة والقاسم بن أبي بَزَّة وعطاء ومقاتل وعبد الرحمن بن سابط والزهريّ والسديّ وعبد اللّه بن أبي الهذيل ومالك بن أنس، كلهم قالوا: الذبيح إسحاق. وعليه أهل الكتابين اليهود والنصارى، واختاره غير واحد منهم النحاس والطبري وغيرهما. قال سعيد بن جبير: أُرِيَ إبراهيمُ ذبح إسحاق في المنام، فسار به مسيرة شهر في غداة واحدة، حتى أتى به المنحر من مِنىً فلما صرف اللّه عنه الذبح وأمره أن يذبح الكبش فذبحه، وسار به مسيرة شهر في رَوْحة واحدة طويت له الأودية والجبال. وهذا القول أقوى في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين. وقال آخرون: هو إسماعيل. وممن قال ذلك أبو هريرة وأبو الطفيل عامر بن واثلة. وروي ذلك عن ٱبن عمر وٱبن عباس أيضاً، ومن التابعين سعيد بن المسيّب والشّعبي ويوسف بن مِهْران ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القُرَظيّ والكلبي وعلقمة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد