الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ } أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم. الزمخشرِيّ: «فإن قلت لِم عرّف الفقراء؟ قلت: قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدّة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرِهم لأن الفقر مما يتبع الضعف، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله: { وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } ، وقال:ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } [الروم: 54] ولو نكَّر لكان المعنى: أنتم بعض الفقراء. فإن قلت: قد قوبل «الفقراء» بـ«الغنيّ» فما فائدة «الحميد»؟ قلت: لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم، وليس كل غنيّ نافعاً بغناه إلا إذا كان الغنيّ جواداً منعماً، وإذا جاد وأنعم حمده المنعَم عليهم واستحق عليهم الحمد ـ ذكر «الحميد» ليدلّ به على أنه الغنيّ النافع بغناه خلقه، الجواد المنعم عليهم، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه». وتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل، ويجوز تخفيف الأولى وحدها وتخفيفهما وتحقيقهما جميعاً. { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } تكون «هو» زائدة، فلا يكون لها موضع من الإعراب، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعاً.