الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ }

قوله تعالى: { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } قراءة العامة بضم التاء وفتح اللام، على الفعل المجهول. وقرأ عيسى الهمداني وابن إسحاق: «نُقَلِّبُ» بنون وكسر اللام. «وُجُوهَهُمْ» نصباً. وقرأ عيسى أيضاً: «تُقَلِّبُ» بضم التاء وكسر اللام على معنى تقلب السعيرُ وجوهَهم. وهذا التقليب تغيير ألوانهم بلفح النار، فتسودّ مرة وتخضّر أخرى. وإذا بدّلت جلودهم بجلود أخر فحينئذٍ يتمنون أنهم ما كفروا { يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ }. ويجوز أن يكون المعنى: يقولون يوم تقلَّب وجوههم في النار يا ليتنا. { أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } أي لم نكفر فننجو من هذا العذاب كما نجا المؤمنون. وهذه الألف تقع في الفواصل فيوقف عليها ولا يوصل بها. وكذا «السَّبِيلاَ» وقد مضى في أوّل السورة. وقرأ الحسن: «إِنَّا أَطَعْنَا سَادَاتِنَا» بكسر التاء، جمع سادة. وكان في هذا زجر عن التقليد. والسادة جمع السيد، وهو فَعَلة، مثل كتبة وفجرة. وساداتنا جمع الجمع. والسادة والكبراء بمعنًى. وقال قتادة: هم المطعمون في غزوة بدر. والأظهر العموم في القادة والرؤساء في الشرك والضلالة، أي أطعناهم في معصيتك وما دعونا إليه { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } أي عن السبيل وهو التوحيد، فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب. والإضلال لا يتعدّى إلى مفعولين من غير توسط حرف الجر، كقوله:لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ } [الفرقان: 29].