الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى: { قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ } قد مضى الكلام في تفضيل أزواجه واحدة واحدة. قال قتادة: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع. خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأمّ حبيبة، وسَوْدة، وأمّ سلمة. وثلاث من سائر العرب: ميمونة، وزينب بنت جحش، وجويرِية. وواحدة من بني هارون: صفية. وأما أولاده فكان للنبيّ صلى الله عليه وسلم أولاد ذكور وإناث. فالذكور من أولاده: القاسم، أمّه خديجة، وبه كان يُكْنَى صلى الله عليه وسلم، وهو أوّل من مات من أولاده، وعاش سنتين. وقال عروة: ولدت خديجة للنبيّ صلى الله عليه وسلم القاسم والطاهر وعبد الله والطيّب. وقال أبو بكر البرقي: ويقال إن الطاهر هو الطيّب وهو عبد الله. وإبراهيم أمّه مارِية القبطية، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وتوفي ابن ستة عشر شهراً، وقيل ثمانية عشر ذكره الدَّارَقُطْنِيّ. ودفن بالبقيع. وقال صلى الله عليه وسلم: " إن له مرضعاً تُتِمّ رضاعه في الجنة " وجميع أولاد النبيّ صلى الله عليه وسلم من خديجة سوى إبراهيم. وكل أولاده ماتوا في حياته غير فاطمة. وأما الإناث من أولاده فمنهنّ: فاطمة الزهراء بنت خديجة، ولدتها وقريش تبني البيت قبل النبوّة بخمس سنين، وهي أصغر بناته، وتزوّجها عليّ رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة في رمضان، وبنى بها في ذي الحجة. وقيل: تزوّجها في رجب، وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير، وهي أوّل من لحقه من أهل بيته. رضي الله عنها. ومنهنّ: زينب ـ أمّها خديجة ـ تزوّجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع، وكانت أمّ العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة. واسم أبي العاصي لَقِيط. وقيل هاشم. وقيل هُشيم. وقيل مِقْسم. وكانت أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها. ومنهنّ: رُقَيَّة ـ أمّها خديجة ـ تزوجها عُتبة بن أبي لَهَب قبل النبوّة، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } قال أبو لهب لابنه: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلّق ابنته ففارقها ولم يكن بَنَى بها. وأسلمت حين أسلمت أمّها خديجة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء، وتزوّجها عثمان بن عفان، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوّجها عثمان:
أحسنُ شخصين رأى إنسانُ   رقيةٌ وبعلها عثمانُ
وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطاً، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله، وكان عثمان يُكْنَى به في الإسلام، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات، ولم تلد له شيئاً بعد ذلك.

السابقالتالي
2 3