الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

أَذيّة المؤمنين والمؤمنات هي أيضاً بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق. وهذه الآية نظيرُ الآية التي في النساء:وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } [النساء: 112] كما قال هنا. وقد قيل: إن من الأذيّة تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه، لأن أذاه في الجملة حرام. وقد ميّز الله تعالى بين أذاه وأذى الرسول وأذى المؤمنين فجعل الأوّل كفراً والثاني كبيرة، فقال في أذى المؤمنين: { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } وقد بيّناه. وروي أن عمر بن الخطاب قال لأبيّ بن كعب: قرأت البارحة هذه الآية ففزعت منها { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } الآية، والله إني لأضربهم وأنهرهم. فقال له أُبَيّ: يا أمير المؤمنين، لستَ منهم، إنما أنت معلم ومقوّم. وقد قيل: إن سبب نزول هذه الآية أن عمر رأى جارية من الأنصار فضربها وكره ما رأى من زينتها، فخرج أهلها فآذوا عمر باللسان فأنزل الله هذه الآية. وقيل: نزلت في عليّ، فإن المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه. رضي الله عنه.